الفصل الأول : فضل القرآن بصفة عامة
إن للقرآن فضائل كثيرة لا تعد ولا تحصى منها :
1- أن أهل القرآن هم أهل الله وخاصتة:
عن أنس بن مالك أن رسول
الله
قال(إن لله أهلين من الناس قالوا
يا رسول الله من هم قال هم أهل القرآن أهل الله وخاصته )بن ماجه وصححه الألباني.
وأهل القرآن : هم ......................................
العالمون به العاملون به المعلمون له ولو لم يكونوا
حافظين له ، ومن ثم فلو حفظ المرء القرآن كله ثم هو لا يعلم به كأن يكون لا يعلم
تفسيره أو لا يعمل به فهنا لا يكون من أهل القرآن بل من حفظه أو حفظه وعلمه ثم هو
لا يعمل به صار القرآن حجة عليه بدلا أن يكون
حجة له .
2- خيار هذه الأمة من تعلم القرآن وعلمه :
عن
عثمان بن عفان أن رسول الله
قال (خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ
وعلَّمه)صحيح البخاري.
ومعنى الحديث : خيركم من تعلم
لقرآن حق تعلمه وعلمه حق تعليمه ، ولا يتمكن من هذا إلا بالإحاطة بالعلوم الشرعية
أصولها وفروعها ، ومثل هذا الشخص يعد كاملا لنفسه مكملا لغيره فهو أفضل المؤمنين
مطلقا.
فتعلم القرآن : يعنى تعلم قراءته مجودا
كما أنزل بإقامة حروفه ، وتعلم معناه بفهم تفسيره والتدبر لما فيه ، ومعرفة أحكامه
من أخلاق وحلال وحرام ، والعمل بما فيه فيصدق خبره وينفذ أمره ويقيم حدوده.
3- نزول الملائكة لسماع القرآن ورؤية الصحابي لها:
عن أسيد بن حضير (بينما هو يقرأُ من
الليلِ سورةَ البقرةِ ، وفرسُه مربوطٌ عنده ، إذ جالتِ الفرسُ ، فسكتَ فسكتتْ ،
فقرأ فجالتِ الفرسُ ، فسكتَ وسكتتِ الفرسُ ، ثم قرأ فجالتِ الفرسُ ، فانصرف ، وكان
ابنُه يحيى قريبًا منها ، فأشفق أن تصيبَه ، فلما اجترَّه رفع رأسَه إلى السماءِ حتى
ما يراها ، فلما أصبح حدث النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال(( اقرأْ يا ابنَ حُضيرٍ، اقرأ يا ابنَ حُضَيرٍ )) . قال : فأشفقتُ يا رسولَ اللهِ أن
تطأ يحيى ، وكان منها قريبًا ، فرفعتُ رأسي فانصرفتُ إليه ، فرفعتُ رأسي إلى
السماءِ ، فإذا مثلُ الظُّلةِ فيها أمثالُ المصابيحِ ، فخرجت حتى لا أراها ، قال :
(( وتدري ما ذاك )) . قال : لا، قال : (( تلك الملائكةُ دَنَتْ لصوتِك ، ولو قرأتَ لأصبحَتْ ينظر الناسُ
إليها ، لا تتوارى منهم))صحيح البخاري.
وفي الحديث أن أسيد بن حضير كان يقرأ سورة البقرة وكان عندما يقرأ
تتحرك الفرس فإذا سكت عن القراءة سكنت الفرس وهدئت وكان ابنه يحي راقدا قريبا من
الفرس فاجتره حتى لا تؤذيه الفرس ونظر إلى السماء فإذا هي مثل الظلة التي يتظلل
بها الإنسان وفيها مثل أمثال المصابيح أي كانت مضيئة وكانت هذه هي الملائكة اقتربت
لسماع القرآن ولو استمر أسيد بن حضير في القراءة لأصبح الناس ينظرون إليها لا
يستترون عن الناس.
4- نزول السكينة والرحمة والملائكة لسماع القرآن وذكر الله لمن يتلون
القرآن ويتدراسونه:
عن
أبي هريرة أن رسول الله
قال (وما اجتمعَ قومٌ في بيتِ من بيوتِ اللهِ ، يتلون كتابَ اللهِ ،
ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلتْ عليهم السكينةُ ، وغشيتْهم الرحمةُ وحفّتهم
الملائكةُ ، وذكرَهم اللهُ فيمن عنده )صحيح مسلم.
وفضل
من فعل ذلك أن ينزل الله سبحانه وتعالى عليهم السكينة وهي الطمأنينة والسداد ،
وتغشاهم الرحمة فتغطيهم ، وتحيط بهم
ملائكة الله سبحانه وتعالى ، ويذكرهم الله فيمن عنده ، وهذا أجر عظيم للإنسان
المؤمن الذي يجتمع مع إخوانه على مدارسة كتاب الله سبحانه وتعالى.
5- إكرام حامل القرآن من إجلال
الله عز وجل:
عن أبي موسَى الأشعريِّ
أن رسول الله
قال (إنَّ من إجلالِ اللهِ إكرامُ
ذي الشَّيبةِ المسلمِ ، وحاملِ القرآنِ ؛ غيرَ الغالي فيه ، ولا الجافي عنه ،
وإكْرام ذي السُّلطانِ المُقسطِ) حسنه الألباني.
فتعظيم حامل القرآن من
تعظيم الله ولما لا و القرآن هو كلام الله سبحانه وتعالى.
الغالي فيه : الغلو هو التشديد ومجاوزة
الحد ، ومعنى الغالي فيه : هو المبالغة في التجويد ، أو الإسراع في القراءة بحيث
يمنعه عن تدبر المعنى .
الجافي عنه : المتباعد عنه ، المعرض
عن تلاوته ، وإحكام قراءته ، وإتقان معانيه ، والعمل بما فيه .
فحامل القرآن:
هو الحافظ له ، المتقن لقراءته ، المداوم على تلاوته ، العالم به ، العامل بما فيه .
6- مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة :
عن
أبي موسى الأشعري أن رسول الله
قال (المؤمنُ الذي يقرأُ القرآنَ ويعملُ به كالأترُجَّةِ ، طعمُها طيبٌ
وريحُها طيبٌ . والمؤمنُ الذي لا يقرأُ القرآنَ ويعملُ به كالتمرةِ ، طعمُها طيبٌ
ولا ريحَ لها . ومَثلُ المنافقِ الذي يقرأُ القرآنَ كالريحانةِ ، ريحُها طيبٌ
وطعمُها مُرٌّ . ومَثلُ المنافقِ الذي لا يقرأُ القرآنَ كالحنظلةِ ، طعمُها مُرٌّ
، أو خبيثٌ ، وريحُها مُرٌّ) صحيح البخاري.
الأُتْرُجَّةِ:
ثمر شبه التفاحة ، وهي من أحسن الثمار الشجرية وأنفسها عند العرب.
الريحانة: هي
كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم.
الحنظلة: نبا
ت ثمرته في حجم البرتقالة ولونها ، فيها لب شديد المرارة ، ويضرب المثل بمرارته.
المقصود بالطعم :الإيمان.
المقصود بالريح :
قراءة القرآن.
والناس من حيث قراءتهم للقرآن أربعة أصناف:
1- المؤمن القارىء العامل
:
فالمؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل بما جاء فيه طيب
الباطن بإيمانه وطيب الظاهر بقراءته مثله مثل الأترجة ، الفاكهة النضرة الجميلة
الناعمة ، الصفراء اللون التي تسر الناظرين ، ذات الرائحة الطيبة ، والطعم اللذيذ
وذات الفوائد الكثيرة للبدن ، فهي حسنة ظاهرا وباطنا نافعة لمن يتناولها ولمن يقترب
منها فيراها أو يشمها ، وكذلك قارىء القرآن العامل به ، حسن الظاهر والباطن ، نافع
لنفسه ونافع لمن يسمعه أو يراه .
2- المؤمن العامل غير القارىء
:
والمؤمن الذي يعمل بما جاء به القرآن ولا يقرؤه
فهو نافع لنفسه ولا ينتفع غيره بقراءته للقرآن و مثله مثل التمرة حلوة في حقيقة
طعمها ، نافعة لآكلها ، لكنها لا تنفع من بجواره ، لأنها لا رائحة لها ، ولا متعة
في منظرها.
3- المنافق القارىء
غير العامل :
المنافق الذي يقرأ القرآن يكون خبيث الباطن بكفره
جميل الظاهر بقراءته للقرآن مثله مثل الريحانه ريحها طيب وطعمها مر لا ينتفع من
أكلها أحد .
4- المنافق غير القارىء
وغير العامل :
المنافق
الذي لا يقرأ القرآن خبيث الباطن بكفره قبيح الظاهر بعدم قراءته للقرآن مثله مثل
الحنظلة لا تعجب متناولها ولا يتمتع بها من يجاوره ، لأن طعمها مر أو خبيث ، وريحها
قبيح .
وفي الحديث :
دليل على أن لتلاوة القرآن أثر على المؤمن ؛ في زيادة
إيمانه ، وطمأنينة قلبه ، وفي طيب نفسه ، ورفعة قدره ، وعلو منزلته.
7- فضل الماهر بالقرآن والمتتعتع فيه:
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله
قال (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة . والذي يقرأ القرآن ويتتعتع
فيه ، وهو عليه شاق ، له أجران . وفي رواية : والذي يقرأ وهو يشتد عليه له أجران ) صحيح مسلم.
عن عائشة أن رسو الله
قال (مثل الذي يقرأ القرآن ، وهو
حافظ له ، مع السفرة الكرام البررة ، ومثل الذي يقرأ القرآن، وهو يتعاهده ، وهو
عليه شديد ، فله أجران )صحيح البخاري.
والماهر بالقرآن : الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة بجودة حفظه
وإتقانه ، وفي الحديث الثاني إشارة إلى أن الماهر يشترط فيه أن يكون حافظا بقوله (
وهو حافظ له ).
السفرة : الكتبة أي الملائكة - والبررة : المطيعون ، من البر وهو
الطاعة .
والمقصود أن الماهر بالقرآن
مع السفرة: يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون
فيها رفيقا للملائكة السفرة ، لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى ، ويحتمل أن
يراد أنه عامل بعملهم وسالك مسلكهم .
الذي يتتعتع فيه: فهو الذي يتردد في
تلاوته لضعف حفظه فله أجران : أجر بالقراءة ، وأجر بتتعتعه في تلاوته ومشقته ، و الماهر به أفضل وأكثر أجرا ؛ لأنه مع السفرة وله
أجور كثيرة .
وهناك سؤال يطرح نفسه هل الماهر بالقرآن غير العامل بما فيه في منزلة
الملائكة؟
الإجابة : بالطبع لا فلابد
للماهر بالقرآن أن يعمل بما فيه فيتخلق بأخلاقه ويصدق خبره وينفذ أمره ويقف عند
حدوده ليكون في منزلة الملائكة.
8- فضل من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به على والداه:
عن بريده بن الحصيب الأسلمي أن رسول الله
قال (من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به
؛ ألبس والداه يوم القيامة تاجا من نور ، ضوؤه مثل ضوء الشمس ، ويكسى والداه حلتان
لا تقوم لهما الدنيا ، فيقولان : بم كسبنا هذا ؟ فيقال : بأخذ ولد كما القرآن )حسنه الألباني.
فمن قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس والداه تاجا من نور يوم القيامة
ضوؤه مثل ضوء الشمس ، ويلبس والداه لباسين لا
يمكن لأهلَ الدنيا تحديد قيمتهما من علوها أو لا يستطيع أهل الدنيا دفع قيمتها أو هي خير من الدنيا ،
وهذا جزاء والداه فكيف بجزائه هو، وشروط هذا الفضل ثلاثة: أن يقرأ القرآن وهو عالم
به عامل لما فيه.
9- صاحب القرآن يعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج
الوقار ويكسى والداه يوم القيامة :
عن أبي هريرة أن رسول الله
قال (يجيء القرآن يوم القيامة
كالرجل الشاحب يقول لصاحبه : هل تعرفني ؟ أنا الذي كنت أسهر ليلك ، و أظميء هواجرك
، و إن كان تاجرا من و راء تجارته ، و أنا لك اليوم من وراء كل تاجر ، فيعطى الملك
بيمينه ، و الخلد بشماله ، و يوضع على رأسه تاج الوقار ، و يكسى والداه حلتين لا
تقوم لهم الدنيا و ما فيها ، فيقولان : يا رب !
أنى لنا هذا ؟ فيقال : بتعليم ولدكما القرآن)صححه الألباني.
الشاحب : هومتغير اللون مهزول من
مرض أو جوع أو غيرهما ، وكأنه يجيء على هذه الهيئة ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا ،
أو للتنبيه له على أنه كما تغير لونه في الدنيا لأجل القيام بالقرآن كذلك القرآن
لأجله في السعي يوم القيامة حتى ينال صاحبه الغاية القصوى في الآخرة .
أسهر ليلك : بالقراءة والقيام بالقرآن.
وأظميء هواجرك : أي كنت تعطش في الأيام شديدة الحرارة بسبب كثرة قراءة القرآن وكنت
لا تترك القراءة لكي تشرب فتتحمل العطش من أجل ألا تترك القرآن.
وإن كان تاجرا من وراء تجارته : كل تاجر يربح من وراء
تجارته وإنك اليوم تربح من تجارتك ألا وهي القرآن.
وفي الحديث : أن صاحب القرآن هو الذي يتلوه آناء الليل وأطراف النهار ، فهو يتلوه
بالليل في صلاة القيام ، ويتلوه بالنهار حتى أنه ينشغل بقراءته عن الشراب فيصبه
العطش وهذا يدل على التلازم الشديد بين ذلك العبد وبين القرآن ، فيكافيء على ذلك
فيعطى الملك والخلد أي الملك في الجنة والخلود فيها ويوضع على رأسة تاج يسمى تاج
الوقار، ويكسى والداه بثياب خير من الدينا وما فيها والسبب في ذلك الأجر للوالدين
أنهما علماه القرآن ، ولكن من لم يعلم ولده القرآن فهل له هذا الأجر؟
10- صاحب القرآن يلبس تاج الكرامة وحلة الكرامة ويرضى عنه الله ويقرأ
ويرتقي في الجنة ويزاد بكل آية حسنة يوم القيامة :
عن أبي هريرة أن رسول الله
قال
(يجيء القرآن يوم القيامة فيقول : يا رب حله ،
فيلبس تاج الكرامة ، ثم يقول : يا رب زده ، فيلبس حلة الكرامة ، ثم يقول : يا رب
ارض عنه ، فيقال له : اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة )الترمذي
وحسنه الألباني.
وهذا الأجر إنما يكون لحافظ القرآن ،
الذي حفظه والقرآن محفوظ في صدره ولذلك يقرأ مما يحفظ ويرتقي في الجنان وليس هذا
الأجر للقاريء لأنه لو كان للقاريء فالكل يسيتطيع أن يقرأ ، ولما قال صلى الله
عليه وسلم في الحديث الأخر (منزلتك عند آخر
آية تقرأ بها) ،
والحفظ لابد له من عمل فمن حفظ ولم يعمل فلا ينفعه حفظه وصار القرآن الذي حفظه حجة
عليه.
11- فضل من تعلم ما تيسر من
القرآن:
عن عقبه بن عامر قال خرج رسولُ اللهِ
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونحنُ في الصُفَّةِ ، فقال (أيكم يحبُّ أن يغدو كلَّ يومٍ إلى بطحانَ أو إلى العقيقِ فيأتي منهُ
بناقتيْنِ كوماويْنِ ، في غيرِ إثمٍ ولا قطعِ رحمٍ ؟ " فقلنا : يا رسولَ اللهِ ! نحبُّ
ذلك . قال " أفلا يغدو أحدكم إلى المسجدِ
فيُعَلِّمَ أو يقرأَ آيتيْنِ من كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ خيرٌ لهُ من ناقتيْنِ .
وثلاثٌ خيرٌ لهُ من ثلاثٍ . وأربعٌ خيرٌ لهُ من أربعٍ . ومن أعدادهنَّ من الإبل )صحيح مسلم.
والصفة: مكان في آخر المسجد كان
يجلس ويعيش فيه فقراء المسلمين ، ويبيتون ويصلون فيه .
بطحان والعقيق: موضعان بالمدينة وفيها
أسواق للناس .
بناقتيْنِ كوماويْنِ : ناقتين من النوق السمان
العظيمة الضخمة .
ومعنى الحديث : أن من يذهب إلى بيت الله
عز وجل فيتعلم آية واحدة ويحفظها أو يعرف الحكم الشرعي الذي فيها فهذا أفيد وأنفع
له من أن يحصل على ناقة عظيمة كوماء أو جمل عظيم أكوم .
12- القرآن مهر من لا مهر له :
عن سهل بن سعد الساعدي أن
امراءة قالت لرسول الله
(يا رسولَ اللهِ ! أَهَبُ لك نفسى . فنظر إليها رسولُ اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ . فصَعَّدَ النظرَ فيها وصوَّبه . ثم طأطأَ رسولُ اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ رأسَه . فلما رأتِ المرأةُ أنه لم يقضِ فيها شيئًا ، جلستْ .
فقام رجلٌ من أصحابِه فقال : يا رسولَ اللهِ ! إن لم يكن لك بها حاجةٌ فزوِّجنِيها
. فقال (( فهل عندك من شيءٍ ؟)) فقال : لا . واللهِ ! يا رسولَ اللهِ ! فقال (( اذهبْ إلى أهلِك فانظرْ هل تجدُ شيئًا ؟ ))فذهب ثم رجع . فقال : لا . واللهِ ! ماوجدتُ شيئًا . فقال رسولُ
اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ(( انظرْ ولو
خاتمًا من حديدٍ ))فذهب ثم رجع . فقال : لا . واللهِ ! يا رسولَ اللهِ ! ولا
خاتمًا من حديدٍ . ولكن هذا إزاري . ( قال سهلٌ ما له رداءٌ ) فلها نصفُه . فقال
رسولُ اللهِ(( ما تصنعُ بإزارِك إن لبسَتْه لم
يكن عليها منه شيءٌ . وإن لبستَه لم يكن عليك منه شيءٌ ))فجلس الرجلُ . حتى إذا
طال مجلسُه قام . فرآه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُولِّيًا . فأمر به فدُعِيَ . فلما جاء قال(( ماذا معك من القرآنِ ؟ ))قال : معي سورةُ كذا وكذا . ( عدَّدَها ) فقال(( تقرؤهنَّ عن ظهرِ قلبِك ؟ ))قال : نعم . ((قال اذهبْ فقد ملَّكتُكَها بما معك من القرآنِ . وفي روايةٍ : (( انطلق فقد زوَّجتُكها . فعلِّمْها من القرآنِ ))صحيح مسلم.
فهذا الرجل أراد الزواج
بمرأة عرضت نفسها على النبي أن يتزوجها والنبي لم
يكن له بها حاجه فجلست فأراد ذلك الصحابي أن يتزوجها فأمره النبي أن يأتي
بمهرها فلم يجد شيئا حتى لم يجد خاتما من حديد وقال لرسول الله هذا إزاري (ثوب
يحيط بالنصف الأسفل من البدن ) فقال له النبي ماذا تصنع بإزارك وكان هذا الصحابي
يحفظ بعض سور القرآن فتزوج تلك المرأة على أن يعلمها ما يحفظ من القرآن ، فكان
مهرها تعليمها القرآن.
13- القرآن يشفع للعبد يوم القيامة:
عن
عبدالله بن عمرو أن رسول الله
قال
(الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ،
يقول : الصيام : أي رب منعته الطعام و الشهوة ، فشفعني فيه ، و يقول القرآن : منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه ، قال : فيشفعان)صححه الألباني.
والظاهر من الحديث : أن من يشفع له القرآن هو من منعه القرآن من النوم ، فمن منا
منعه القرآن من النوم؟
14- من تمسك بالقرآن لن يضل أبدا:
عن جبير بن مطعم أن رسول
الله
قال ((أبشروا أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أني رسول
الله ، وأن القرآن جاء من عند الله ؟ ! )) قلنا : بلى . قال (( فأبشروا ، فإن هذا القرآن طرفه بيد الله ، و طرفه بأيديكم ، فتمسكوا
به ؛ فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدا ))صححه الألباني.
والمقصود بالتمسك بالقرآن : التمسك به قراءة وتدبرا
وحفظا وعلما وعملا ، ولكن إذا قريء القرآن ولا يجاوز الحناجر فلا يعمل به ، فهل
ينفعنا القرآن؟
15- من قرأ القرآن لا يرد إلى أرذل العمر:
عن ابنِ عباسٍ قال ( من
قرأ القرآنَ لم يردّ إلى أرذلِ العمرِ ، وذلك قوله : { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ
سَافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا } ، قال : [ إلا ] الذين قرأوا القرآنَ)صححه الألباني.
فمن حفظ القرآن حفظ الله
له عقله وذاكرته وعلمه في الكبر.
16- القرآن ربيع القلوب ونور الصدور وجلاء الأحزان ويذهب الهموم.
عن عبدالله بن مسعود أن
رسول الله
قال (ما أصاب أحدًا قطُّ همٌّ ولا
حزَنٌ فقال : اللَّهمَّ إنِّي عبدُك ، ابنُ عبدِك ، ابنُ أمَتِك ، ناصيتي بيدِك ،
ماضٍ فيَّ حكمُك ، عدْلٌ فيَّ قضاؤُك ، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سمَّيْتَ به نفسَك
، أو علَّمْتَه أحدًا من خلقِك ، أو أنزلتَه في كتابِك ، أو استأثرت به في علمِ
الغيبِ عندك ، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ، ونورَ صدري ، وجلاءَ حَزَني ، وذهابَ
همِّي ، إلَّا أذهب اللهُ همَّه وحَزَنَه وأبدله مكانَه فرحًا . فقيل : يا رسولَ
اللهِ ، أفلا نتعلَّمُها ؟ فقال : بلَى ينبغي لمن سمِعها أن يتعلَّمَها)صححه أحمد شاكر.
والدليل على أن القرآن
ربيع القلوب ونور الصدور وجلاء الحزن وذهاب الهم ، أنه لما دعا النبي
بهذا الدعاء (أن تجعل القرآن .......) فهو يدل على أن القرآن فعلا
ربيع القلوب ونور الأبصار وجلاء الحزن وذهاب الهم ، فالرسول يعلم ذلك لذا دعا به
وطلبه .
17- القرآن نور لك في الأرض وذخر لك في السماء:
عن
أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله
قال((أوصيك بتقوى الله
؛ فإنها رأس الأمر كله)) قلت
: يا رسول الله ! زدني . قال : ((عليك بتلاوة
القرآن ، وذكر الله ؛ فإنه نور لك في الأرض ، وذخر لك في السماء ))قلت : يا رسول الله ! زدني . قال (( إياك وكثرة الضحك ؛ فإنه يميت القلب ، ويذهب بنور الوجه ))قلت : يا رسول الله ! زدني قال (( عليك بالجهاد ؛ فإنه رهبانية أمتي )) قلت : يا رسول الله ! زدني . قال (( أحب المساكين وجالسهم )). قلت : يا رسول الله ! زدني . قال (( انظر إلى من هو تحتك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك ؛ فإنه أجدر أن لا
تزدري نعمة الله عندك ))قلت
: يا رسول الله ! زدني . قال (( قل الحق
وإن كان مرا )) صححه الألباني.
فإنه نور لك في
الأرض : فإنه يعلو قارئه العامل به من البهاء ما هو كالمحسوس ، و إن
الملائكة ينظرون من السماء إلى الذين يتهجدون بالليل كما تنظرون أنتم إلى نجوم
السماء.
ذخر لك في السماء : يحفظ لك لوقت الجزاء والثواب ، وفي لفظ آخر وذكر لك في السماء ،
فمن ذكر الله في الأرض ذكره الله في السماء ، فعن أبي هريرة أن رسول الله
قال (يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن
ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب
إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي
أتيته هرولة)صحيح
البخاري.
18- صاحب القرآن يرتقي بكل آية
درجة في الجنة:
عن عبد الله بن عمرو أن
رسول الله
قال (يقال لصاحب القرآن : اقرأ
وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها )الترمذي وصححه الألباني.
وهذا الحزاء يوم القيامة لحافظ القرآن
الذي كان يحفظه في الدنيا ويعمل بما فيه فيرتقي بكل آية مما حفظ في صدره درجة في
الجنة ، ولا يستطيع أحد أن يتلو آية إلا وقد أقام ما يجب عليه فيها أي عمل بها
وإلا لو حفظها ولم يعمل بما فيه صار القرآن حجة عليه لا حجة له .
19- القرآن يقودك إلى الجنة أو يسوقك إلى النار:
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله
قال
(القرآن شافع مشفع ، وماحل مصدق ، من جعله أمامه
قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار )صححه الألباني.
ماحل مصدق : شاهداً مصدقاً عليه وسبباً في هلاكه.
أي أن القرآن يشفع لصاحبه فمن جعله
أمامه أي قرأه وعمل به قاده إلى الجنة وكان سببا في دخولة الجنة ، ومن أعرض عنه
وجعله خلف ظهره فلم يقرأه ولم يعمل بما فيه صار القرآن حجة عليه وساقه إلى النار.
ويثور السؤال من حفظ القرآن كله ولم
يعمل بما فيه هل جعل القرآن أمامه فيكون القرآن حجة له فيقوده إلى الجنة أم جعل القرآن خلفه فصار حجة عليه فيسوقه إلى
النار؟
20- القرآن شفاء من أمراض الأبدان والقلوب والأرواح:
عن خارجة بن الصلت عن عمه أنه مر بقوم فأتوه فقالوا إنك جئت من عند
هذا الرجل بخير فارق لنا هذا الرجل فأتوه برجل معتوه في القيود فرقاه بأم القرآن
ثلاثة أيام غدوة وعشية كلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل فكأنما أنشط من عقال فأعطوه
شيئا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره له فقال النبي صلى الله عليه وسلم( كل فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق) أبي داود وصححه الألباني.
ومعنى الحديث: أن عم خارجة بن الصلت رقى رجل معتوه مجنون فرقاه بالفاتحة ثلاثة
أيام صباحا ومساء وكلما ختم قراءة الفاتحة جمع بزاقه أي ريقه ثم تفل عليه فشفاه
الله سبحانه وتعالى فأعطوه شيئا نظير ما فعل فقال له النبي لقد أكلت برقية حق ،
وفي الحديث دلالة على أن القرآن شفاء من سائر الأمراض.
21- القرآن به تكسب الحسنات فالحرف بحسنة والحسنة بعشر ويضاعف الله لمن
يشاء:
عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله
قال (من قرأ حرفا من
كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول : آلم حرف ، ولكن ألف حرف
وميم حرف ) الترمذي وصححه الألباني.
ولا يستوى في الأجر من يقرأ القرآن
ويتلاوه حق تلاوته فيقيم حروفه ويقرأه كما أنزل ويتدبره أثناء قراءته مع من يقرأه
قراءة سريعة بغير تجويد ولا اتقان وبغير تدبر ولا فهم ، فربما الأول كان له الحرف
بسبعمائة حسنة أو أكثر وربما الثاني بعشر فأيهما أنفع هل نتلاوة حق تلاوته أم
نتسابق على كثرة الختمات ولا نقيم حروفه ولا نفقه؟
22- القرآن يدفع عن صاحبه عذاب
القبر الذي يؤتى من قبل راسه :
عن
أبي هريرة أن رسول الله
قال
(يؤتى الرجل في قبره فإذا أتي من قبل رأسه دفعته
تلاوة القرآن وإذا أتي من قبل يديه دفعته الصدقة وإذا أتي من قبل رجليه دفعه مشيه
إلى المساجد )حسنه
الألباني.
23- صاحب القرآن لا تعذبه النار:
عن عقبة بن عامر أن رسول الله
قال (لو كان القرآن في
إهاب ما أكلته النار)حسنه
الألباني.
أي لو كان القرآن في قلب المؤمن ثم
ألقي في النار ما أحرقته النار.
من كتاب القرآن العظيم فضائل وأحكام
لتحميل الكتاب على الرابط التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق